في أحد صباحات السبت الهادئة، وبين رشفات القهوة السوداء وقائمة التشغيل الهادئة، بدأت جولة تسوق افتراضية لا تشبه غيرها. لم أكن أبحث عن فستان عادي. أردته أن يعبّر عني، أن يتحدث بلغة اليوم لا الأمس، أن يمزج بين الخطوط النظيفة والروح الحرة. حينها، ظهر لي موقع arket uae كأنه إجابة على سؤال لم أطرحه بعد.
أنا من الأشخاص الذين لا يهوون الصخب في الأزياء، لكن لا يعني ذلك أنني أتنازل عن التفاصيل. تصفحي لقسم arket dress كان مثل دخول صالة عرض إسكندنافية، حيث تعانق الأقمشة الناعمة الألوان الهادئة، وتهمس القصّات بأنوثة هادئة لا تحتاج إلى ضجيج لتُلاحظ.
اخترت فستانًا ميدي بلون بيج رملي، بقصة A-line خفيفة. لا توجد كشكشات مبالغ فيها، لا ترتر، لا حيلة لافتة للنظر. فقط خامة طبيعية بلمعة غير لامعة، وأكمام قصيرة بتفصيل مخفي. بدا كأن شخصًا رسمه لي، خصيصًا ليومٍ لا أحتاج فيه سوى أن أكون نفسي.
ما أدهشني هو أن الفستان — رغم حياده الظاهري — يتغيّر حسب من ترتديه. أضفت إليه حزام جلد بني نحيف، وصندلًا من الجلد النباتي، وأصبحت وكأنني خرجت من صفحات مجلة نوردية. بعدها، جرّبته مع حذاء رياضي أبيض وسترة جينز مفتوحة، فتحول الفستان إلى قصة حضرية خفيفة، جاهزة للنزهة في خور دبي أو مقهى في الجافلية.
لم أكن وحدي من لاحظ هذا. كل من رآني سأل: من أين هذا الفستان؟ هل هو مستورد؟ من ماركة راقية؟ وعندما أجيب أنه من arket uae، أجد تلك النظرة التي تقول: “من كان يتوقع أن يكون الفخامة بهذه البساطة؟”
لكن الفستان لم يكن مجرد “جميل”. كان ذكيًا. الخامة تسمح للبشرة بالتنفس، القصّة لا تُعيق الحركة، والأهم، أنه لا يتبع الموضة بل يسبقها بخطوة. لأن الموضة، كما أراها، ليست ما يُقال في عروض الأزياء، بل ما يمكن أن نعيشه كل يوم دون أن نفقد ذاتنا فيه.
أظن أن ARKET لا تطرح فساتين، بل فلسفة. فلسفة تقول: “دعينا نلبسك كما أنتِ، لا كما يريد السوق أن تكوني”. وما يجعل هذه الفلسفة قابلة للعيش هو تلك العناية بالتفاصيل الصغيرة: من شكل الأزرار، إلى مكان الخياطة الخلفية، إلى الانحناءة التي يأخذها القماش عند الحركة.
من الناحية العملية، لا أنكر أن السعر كان أعلى قليلًا مما كنت أخطط، لكن التجربة تستحق. الفستان لم يتغير شكله بعد الغسيل، لم يتكوّن عليه الوبر، بل أصبح أكثر نعومة، وكأنه يتكيف مع جسدي بمرور الوقت.
إن كان عليّ أن أقدّم اقتراحًا بسيطًا للعلامة، فربما يكون توسيع لوحة الألوان. بعض الفساتين متوفرة بألوان حيادية فقط، لكنني، وأعتقد كثيرين غيري، نحب أحيانًا أن نرى الأزرق الفاتح، أو الأخضر الزمردي، على نفس القصة الهادئة. كذلك، بعض التصاميم كانت لتكون أكثر حياة لو أضيف إليها زر مختلف، أو تطريز خفيف على الياقة.
اليوم، حين أفتح خزانتي، لا أبحث عن فستان لمناسبة معينة. أبحث عن إحساس، عن مزاج. وغالبًا ما تكون يدي متجهة نحو ذلك الفستان من arket dress، لأنه ببساطة يفهمني.
في النهاية، لا أدري إن كانت ARKET تعتبر نفسها من “روّاد الموضة”، لكنني متأكدة أنها من القلائل الذين يعرفون أن الموضة ليست استعراضًا، بل صداقة طويلة الأمد بيننا وبين ما نرتديه.